أكدت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أنَّ الفراغ الذي خلفته الأزمة السياسية، وانهيار المؤسسات الهامة في ليبيا يمثلان عامل جذب قويّ للجماعات الإرهابية مثل تنظيم "داعش"، مشيرة إلى أنَّ السيطرة على ليبيا هي "الجائزة الكبرى" لمثل هذه التنظيمات.
وذَكَرَ الكاتب جيفري هوارد، في مقاله أنَّ السيطرة على ليبيا ستوفِّر عوائد مالية ضخمة من خلال شبكات التهريب، التي تتعامل في النفط والأسلحة والبضائع المهرَّبة. وأكد المقال أنَّ التغيُّرات السياسية في ليبيا بوسعها وقف تقدُّم "داعش" في الدولة بفاعلية أكثر من الضربات الجوية، وعزا ذلك إلى وجود عدد كبير من الفصائل والقبائل والجماعات العِرقية، كل منها ينحاز إلى حكومة من الحكومتيْن المتنافستيْن في الأساس على الشرعية، وتختلف تلك الجماعات في أهدافها ومطالبها وأجندتها، وأهدافها هي التي تشكِّل قراراتها، ولن تسمح تلك الأطراف لتنظيم "داعش" باستغلال الخلافات بينها وفرض سيطرته.
واستعبد الكاتب نجاح "داعش" في الفوز بنصيب من المعركةالحالية، أو السيطرة على الموانئ والمنشآت النفطية، وذلك لأنَّ تقدُّمه يمثل تهديدًا للأهداف السياسية والاقتصادية للجماعات والفصائل الموجودة، التي تتنافس بالفعل للسيطرة عل تلك الأهداف، فطموح "داعش" في السيطرة على أهداف استراتيجية سيوحِّد الجماعات المسلحة ضده، وسيوفِّر لها "عدوًا مشتركًا" لمحاربته معًا، ويمكن لتك الجماعات مقاومة التنظيم، على حد قول الكاتب.
وثانيًا، انعدام وجود خلافات طائفية كبيرة بين الليبيين أنفسهم: أوضح الكاتب أنَّ التنظيم ظَهَرَ في مدن معروفة بالتشدُّد والتطرُّف مثل سرت ودرنة، لكنه يفتقر لوجود قاعدة كبيرة من المؤيدين في المدن الأخرى، متوقعًا فشل جهود التنظيم في تجنيد أعداد كبيرة من الليبيين بسبب انعدام الخلافات الطائفية بين السُّنَّة والشيعة، التي استغلها التنظيم في الدول الأخرى، والغضب العام بين الليبيين لأفعال التنظيم الإجرامية.
والسبب الثالث هو السيطرة على النفط لن تفيد التنظيم ماليًّا، حيث يقول الكاتب إنَّه حتى وإنْ نجح التنظيم في السيطرة على بعض منشآت وموانئ النفط، فلن يستطيع الاستفادة منها ماليًّا ولن تدر عليه دخلاً كبيرًا وذلك لانخفاض إنتاج النفط بشكل كبير، ووجود تلك المنشآت في مناطق صعب الوصول إليها في الصحراء أو على الشاطئ، ولن يستطيع التنظيم تصدير النفط بطرق غير قانونية.
وفي نهاية مقاله، حذَّر الكاتب من استمرار الأزمة السياسية الحالية مما يتيح مزيدًا من الوقت أمام "داعش" للتوسع وملء الفراغ الذي خلفه انهيار المؤسسات الحيوية، وقد ينجح التنظيم في تجنيد عدد من مقاتلي "القاعدة" في المغرب العربي ومن المقاتلين الأجانب، وتوقَّع أنْ يواجه التنظيم عقبات كبيرة تحيل دون بناء "الخلافة" التي ينادي به داخل ليبيا.
وفي الأثناء، أكد المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي، الرائد محمد الحجازي، محاصرة قوات الجيش لمدينة درنة من أربعة محاور، وذلك وفق استراتيجية مرسومة. وأضاف الحجازي أن القوات الجوية ترصد بدقة الأهداف التابعة لقوات "داعش" في ليبيا ومن يحالفهم من "أنصار الشريعة"، مؤكدًا أن القوات الجوية ستقوم بقصف هذه المواقع لفتح ممرات لدخول القوات البرية إلى المدين.
من ناحية أخرى، سمح الاتحاد الأوروبي للطائرات الليبية بعبور أجوائه، وتحديدًا فوق المياه الدولية لقبرص واليونان، وفقًا لوكالة الأنباء الليبية. وأوضحت مصلحة الطيران المدني الليبية في بيان صحفي أن الاتحاد الأوروبي، وبعد عقد سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولي المصلحة وشركات الطيران الوطنية، قرر رفعًا جزئيًا لقيود الطيران المفروضة على الطيران الليبي فوق أجوائه.
وأشار البيان إلى أن الخطوط الجوية الليبية باشرت اليوم، تنظيم أولى رحلاتها إلى مطار إسطنبول، عبر مطاري معيتيقة بطرابلس ومطار مصراتة، بعد حصولها على إذن من الاتحاد الأوروبي بالمرور فوق المياه الدولية لقبرص واليونان.