قال علماء بريطانيون إن ظاهرة تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، تهدد بتحويل نهر القهوة المتدفق، الذي يملأ 1.3 مليار فنجان يوميا إلى مجرد قطرات، وإذا استمر الارتفاع كما هو متوقع، لن يكون هناك فنجان قهوة واحد بحلول عام 2080؛ بسبب موت محصول القهوة.
واستعداداً للسيناريو الأسوأ، أطلق علماء النبات حدائق النباتات الملكية البريطانية (كيو)، استراتيجية بحثية تستمر لمدة 5 سنوات؛ لتحسين سلالات نبات القهوة، ومساعدتها على تحمل الظروف المناخية السيئة والارتفاع المتوقع في درجات الحرارة في المستقبل، وفق ما ذكرته صحيفة “تلغراف” البريطانية.
وحدائق (كيو) تبلغ مساحتها 121 هكتاراً (وحدة مساحة تساوي 10.000 متر مربع)، وتحتوي على 44 ألفاً من الأنواع النباتية مصنفة في مجموعات، تم جمعها من مختلف أنحاء العالم، وتربيتها في ظروف شبيهة بظروف نموها في بيئاتها الأصلية.
وتعد حديقة (كيو) من أكبر مراكز بحوث النبات في العالم، بما يحتويه من بنك للبذور البرية، تمثل ما يقارب 4 آلاف نوع؛ بالإضافة إلى مجموعة النباتات المحفوظة تحت الصفر، التي يصل عددها إلى نحو 4 آلاف نوع.
ويسعى علماء حدائق (كيو) في جنوب غرب لندن، إلى إيجاد طريقة للحفاظ على “بن أرابيكا”، الأشهر على مستوى العالم، والمهدد بالانقراض نتيجة ارتفاع درجات الحرارة؛ على أمل الحفاظ على القهوة ليس فقط من حيث الكمية، لكن من حيث المذاق أيضاً.
وقال البروفيسور “كاثي ويليس”، مدير علوم النبات بحدائق (كيو): “أطلقنا استراتيجية علمية جديدة تستمر لمدة 5 سنوات، لإيجاد طريقة مثلى للحفاظ على نبات القهوة”.
وأضاف: “القهوة هي السلعة العالمية الثانية الأكثر أهمية بعد النفط، وهناك 125 نوعاً في العالم، ولكن نحن نفضل نوعاً واحداً فقط وهو “بن أرابيكا” الذي يزرع في إثيوبيا، لكن هذا النوع سينقرض عندما ترتفع درجة الحرارة بشكل كبير”.
واستطرد قائلاً: “لدينا 124 نوعاً آخر من القهوة؛ بينها 39 نوعاً في مدغشقر وحدها، وهناك بعض النباتات التي تنمو في البيئات الجافة جداً، ولكن نحن بحاجة إلى معرفة ما إذا كانت ستنمو مستقبلاً، والأهم من ذلك مذاقها”.
وزاد الاستهلاك العالمي من القهوة بشكل كبير خلال العقود الماضية، ويعتبر الباحثون أن القهوة هي أحد أكثر المشروبات المفضلة في العالم، إذ يتم استهلاك 500 مليار كوب من القهوة سنوياً.
في المقابل، تراجع محصول القهوة في كثير من المناطق الشهيرة بزراعتها في دول أمريكا اللاتينية وإثيوبيا؛ نتيجة الارتفاع في درجات الحرارة والأمطار الكثيفة وغير المتوقعة، وهي ظاهرة يربطها العلماء بالاحترار العالمي.
وتتطلب نباتات القهوة مزيجاً من الحرارة والمطر، وقدراً من الجفاف اللازم لعملية نضج النباتات والحفاظ على مذاقها، أما الخطر الداهم عليها فهو من الآفات التي تصيب شجرة البن، والتي تتكاثر في الأجواء الحارة والرطبة.
ويتم زراعة البن في70 بلداً، ويأتي نحو ثلثي محصول البن من نوع واحد فحسب؛ وهو “بن أرابيكا”، الذي تنتمي شجرته الأصلية إلى إثيوبيا؛ ويتمتع هذا النوع بمذاق شهي ولطيف يجعل أسعاره مرتفعة.
يزدهر “بن أرابيكا” عند درجة حرارة ثابتة إلى حد ما تصل ما بين 18 و21 درجة مئوية، ومع ارتفاع درجة الحرارة، تتعرض الأشجار للإجهاد ويتدهور المحصول، وعندما تتعرض لفترات طويلة لدرجات حرارة تتجاوز 30 درجة مئوية، تتساقط أوراقها وتظهر الانتفاخات على الجذوع، لكن قبل ذلك بفترة طويلة، عند درجة حرارة فوق 23 مئوية، يتسارع نمو الحبوب ونضجها؛ مما ينتج عنه حبوب أقل جودة.